لأول مرة في التاريخ اجتمع ستة عشر من أشهر علماء الطب في العالم في مدينة روما في الحادي والعشرين من شهر أبريل عام 1997 م ليصدروا توصياتهم وقراراتهم الموحدة حول موضوع ( زيت الزيتون و غذاء حوض البحر المتوسط ) ...

وأصدر هؤلاء العلماء توصياتهم في بيان شمل أكثر من ثلاثين صفحةاستعرضوا فيهاأحدث الأبحاث العلمية في مجال زيت الزيتون وغذاء حوض البحرالمتوسط .ونقتبس هنابعضا مما جاء في تلك التوصيات والقرارات،إضافة إلى أحدثالأبحاث العلمية

وأكدوا في بيانهم أن تناول زيت الزيتون يسهم في الوقاية من مرضشرايين القلبالتاجية وارتفاع كولسترول الدم ، وارتفاع ضغط الدم ، ومرضالسكر ،والبدانة ،كما أنه يقي من بعض السرطانات . 

فحتى عام 1986 لم يأبه أحد من الباحثين الأمريكيين والأوروبيينبزيت الزيتون ،وما أن طلع علينا الدكتور غرندي في دراسته التي ظهرت عام 1985، والتي أثبتفيها أن زيت الزيتون يخفض كولسترول الدم حتى توالت الدراساتوالأبحاث تركزاهتمامها حول فوائد زيت الزيتون ، وتستكشف يوما بعد يوم المزيدمن أسرار هذاالزيت المبارك الذي أتى من شجرة مباركة . قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : 
كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " صحيح الجامعالصغير 4498

وكيف لا تكون الشجرة مباركة ، وقد أقسم الله تعالى بها أوبأرضها – على اختلافبين المفسرين – في قوله تعالى : 
والتين والزيتون * وطور سينين " 

وكيف لا تكون مباركة ، وقد شبه الله تعالى نوره بالنور الصادرعن زيتها حين قال : 
يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية " 

فالشجرة مباركة .. والزيت مبارك .. ولكن كثيرا من الناس عنهغافلون . 

فزيت الزيتون هبة من الله للإنسان . عرف القدماء بعضا من فوائده، وأدرك الطبالحديث – منذ سنوات معدودات – بعضا آخر منها . 

عرفنا حديثا أن زيت الزيتون يقي من مرض العصر .. جلطة القلب ،ويؤخر من تصلبالشرايين. وتلاشت الأسطورة التي كانت تقول أن زيت الزيتون يزيدكولسترول الدم ،ذلك الشبح الذي يقض مضاجع الكثيرين . وتبين للعلم الحديث أنزيت الزيتون عدوللكولسترول ، يحاربه أنى كان في جسم الإنسان . 

والحقيقة أن الأمريكان يغبطون سكان حوض البحر الأبيض المتوسطعلى غذائهم ، فهميعرفون أن مرض شرايين القلب التاجية أقل حدوثا في إيطالياوأسبانيا وما جاورهمامما هو عليه في شمال أوروبا والولايات المتحدة . ويعزوالباحثون ذلك إلى كثرةاستهلاك زيت الزيتون عند سكان حوض البحر المتوسط ، واعتمادهمعليه كمصدر أساسيللدهون في طعامهم بدلا من السمنة ( المرجرين ) والزبدةوأشباهها . 

يقول كتاب Heart Owner Handbook الذي أصدره معهد تكساس لأمراضالقلب حديثا : "إن المجتمعات التي تستخدم الدهون اللامشبعة الوحيدة (وأشهرهازيت الزيتون) فيغذائها كمصدر أساسي للدهون تتميز بقلة حدوث مرض شرايين القلبالتاجية ، فزيتالزيتون عند سكان اليونان وإيطاليا وإسبانيا يشكل المصدرالأساسي للدهون فيغذائهم ، وهم يتميزون بأنهم الأقل تعرضا لمرض شرايين القلبوسرطان الثدي فيالعالم أجمع . وليس هذا فحسب ، بل إن الأمريكيين الذين يحذونحذو هؤلاء يقلعندهم حدوث مرض شرايين القلب" . 
زيت الزيتون .. و الكولسترول : 


من المعروف أن سكان جزيرة كريت هم من أقل الناس إصابة بمرضشرايين القلبالتاجية في العالم ، و من المعروف أن معظم الدهون التييتناولونها في طعامهممصدرها زيت الزيتون الذي ثبت أنه يقلل من معدل الكوليسترولالضار في الدم ، وبالتالي يقي من تصلب الشرايين ومرض شرايين القلب التاجية

ومن المعروف أن أكسدة الكولسترول الضار أمر مهم في إحداث تصلبالشرايينوتضيقها. وقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن زيت الزيتونيلعب دورا هاما فيمنع تلك العملية .. إضافة إلى أن زيت الزيتون يلعب دورا مضاداللأكسدة أيضا ،حيث أن زيت الزيتون يحتوي على فيتامين E المعروف بدوره المضادللأكسدة ،كمايحتوي على مركبات البولي فينول ، ومن ثم يمكن أن يقي من حدوثتصلب الشرايين

وتعزى الفوائد الصحية لزيت الزيتون إلى غناه بالأحماض الدهنيةاللامشبعةالوحيدة ، وإلى غناه بمضادات الأكسدة . وقد أكدت الدراساتالعملية بما لا يدعمجالا للشك أن زيت الزيتون يخفض مستوى الكولسترول الكليوالكولسترول الضار ،دون أن يؤثر سلبا على الكولسترول المفيد

وليس هذا فحسب ، بل إن دراسة حديثة نشرت في مجلة Atherosclerosis عام 1995 أكدتعلى أهمية تناول زيت الزيتون البكر الممتازoil Extra Virgin ،وهو زيت العصرةالأولى ، وقد وجد الباحثون أن زيت الزيتون البكر يحتوي علىكمية جيدة من مركباتالبولي فينول Polyphenolic Compounds التي تمنع التأكسد الذاتيللزيت ، وتحافظعلى ثباته . كما وجد هؤلاء الباحثون أن هذه المركبات تمنعأكسدة الكولسترولالضار LDL في أنابيب الاختبار ، وبالتالي يمكن لها أن تقي منحدوث تصلبالشرايين ، وتلعب دورا هاما في وقاية الجسم من خطر المركباتالسامة للخلايا مثل "البيروكسايدز" Lipid Peroxides وغيرها من المواد الضارة . 

وأكدت هذه المعطيات دراسة أخرى نشرت في شهر فبراير 1996 فيمجلة Atherosclerosis. 
هل لزيت الزيتون تأثير على تجلط الدم ؟

و لكن السؤال هل هناك أيضاً تأثير آخر لزيت الزيتون يمارس عنطريقة فوائده فيالوقاية من تصلب الشرايين ؟
ففي دراسة نشرت في شهر ديسمبر عام 1999 في مجلة ( Am J clin Nutr ) ، أظهرالباحثون أن الغذاء الغني بزيت الزيتون ربما يضعف التأثيرالسيء للدهونالمتناولة في الطعام على تجلط الدم ، وبالتالي ربما يقلل منحدوث مرض شرايينالقلب التاجية . 
زيت الزيتون .. ومعدل الوفيات : 


وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة اللانست الشهيرة في 20 ديسمبر 1999 أن معدلالوفيات في أفقر بلد في أوروبا ألا وهي ألبانيا المسلمة تمتازبانخفاض معدلالوفيات فيها ، فمعدل الوفيات في ألبانيا عند الذكور كان 41شخصا من كل100.000شخص ، وهو نصف ما هو عليه الحال في بريطانيا . 

ويعزو الباحثون سبب تعمير الناس في ألبانيا ذات الدخل المحدودجدا إلى نمطالغذاء عند الألبانيين ، وقلة تناولهم للحوم ومنتجات الحليب ،وكثرة تناولهمللفواكه والخضار والنشويات وزيت الزيتون . فقد كان أقل معدلاتالوفيات فيالجنوب الغربي من ألبانيا في المكان الذي كانت فيه أعلى نسبةلاستهلاك زيتالزيتون والفواكه والخضراوات . 
الغذاء الغني بزيت الزيتون ينقص من جرعات أدوية ضغط الدم : 


ففي بحث قام به الدكتور ألدو فرارا في جامعة نابولي الإيطاليةونشر فيمجلة Archives of Internal Medicine 

بتاريخ 27 مارس 2000 تمت دراسة 23 مريضا مصابا بارتفاع ضغطالدم بمعدل يقل عن 104 / 165 ملم زئبقي ويتناولون أدوية لارتفاع ضغط الدم. وضعالنصف الأول منالمرضى على غذاء غني بزيت الزيتون البكر ، أما المجموعة الأخرىفوضعت على غذاءغني بزيت دوار الشمس Sun flower oil وبعد ستة أشهر ، عُكس نمطالغذاء بينالمجموعتين لستة أشهر أخرى . وأظهرت نتائج الدراسة انخفاض ضغطالدم بمقدار 7نقاط عند الذين تناولوا زيت الزيتون ، في حين لم يحدث أيانخفاض في المجموعةالأخرى . وقد استطاع المرضى الذين كانوا يتناولون الغذاء الغنيبزيت الزيتونخفض جرعات أدوية ضغط الدم إلى النصف ، وذلك تحت إشراف الأطباءبالطبع ، كما أنثمانية من المرضى المصابين بارتفاع خفيف في ضغط الدم لم يعودوابحاجة إلىالدواء خلال تلك الدراسة ، في حين لم يحدث أي تغير يذكر فيجرعات الدواء عندالمرضى الذين كان غذاؤهم غنيا بزيت دوار الشمس . ولا بد منالتنبيه إلى ضرورةالالتزام بإرشادات الطبيب ، فلا ينبغي أن يفهم من هذا أنباستطاعة المرضىالمصابين بارتفاع ضغط الدم تناول زيت الزيتون وإيقاف أدويتهم ،فهذا أمر فيغاية الأهمية ، ولا بد من المراقبة الدورية من قبل الطبيب . 
زيت الزيتون .. والسرطان : 


يعتبر السرطان مسؤولا عن خمس الوفيات في البلدان الأوروبية ،ولكن الغريب فيالأمر أن هناك اختلافات واضحة في معدلات الوفيات من السرطانبين الدول الشماليةوالغربية من أوروبا ، وبين دولها الجنوبية المطلة على حوضالبحر الأبيض المتوسط، وهناك أدلة قوية إلى أن هذا الاختلاف منشؤه – إلى حد كبير – نوعية الغذاءالمتناول . 
ويعزو الباحثون سبب انخفاض معدل الوفيات من السرطانات في حوضالبحر الأبيضالمتوسط إلى غذاء سكان هذه البلاد الذي يشتمل على زيت الزيتونكمصدر أساسيللدهون ، وعلى الخضراوات والفواكه والبقول . 

ما هو دور زيت الزيتون في الوقاية من السرطان ؟

أظهر العديد من الدراسات الوبائية أن هناك تناسبا عكسيا بينزيت الزيتون وبينحدوث عدد من السرطانات . وأكثر تلك الدراسات تؤكد العلاقةالوثيقة بين تناولزيت الزيتون وانخفاض معدل حدوث سرطان الثدي والمعدة . وليس هذافحسب ، بل إنعددا آخر من الدراسات العلمية يوحي – كما يقول البروفيسورآسمان رئيس معهدأبحاث تصلب الشرايين في جامعة مونستر بألمانيا ، وهو من أبرزالباحثين فيالعالم في مجال تصلب الشرايين – بأن تناول زيت الزيتون يمكن أنيقي من عدد آخرمن السرطانات ، ومنها سرطان القولون ، وسرطان الرحم ، وسرطانالمبيض ، علىالرغم من أن عدد هذه الدراسات مازال صغيرا . 

زيت الزيتون .. وسرطان الثدي : 

شاءت إرادة الله تعالى أن يختص النساء ببعض من بركات هذا الزيتالمبارك ،فتوالت الدراسات العلمية في السنوات القليلة الماضية تشير إلىأن زيت الزيتونيقي من سرطان الثدي ، ومن سرطان الرحم . 

فقد أكدت دراسة نشرت في شهر نوفمبر 1995 ، وأجريت على 2564امرأة مصابة بسرطانالثدي أن هناك علاقة عكسية بين احتمال حدوث سرطان الثدي ، وبينتناول زيتالزيتون ، وأن الإكثار من زيت الزيتون ساهم في الوقاية منسرطان الثدي . 

وأكدت دراسة نشرت في مجلة Archives of Internal Medicine فيعدد أغسطس 1998 أنتناول ملعقة طعام من زيت الزيتون يوميا يمكن أن تنقص من خطرحدوث سرطان الثديبنسبة تصل إلى 45 % . 
و لكن حذار من القلي بزيت الزيتون لانه يتاكسد و يفقد من خواصه الغذائية.